السيرة النبوية العطرة (صوت)

سلسلة خطب السيرة النبوية العطرة الشيخ عبد القادر الشيخ “رحمه الله تعالى”

لم تعرف مدينتُنا عمّان في العشرين عامًا الماضية رجلًا أخطَبَ منه، ولا أشدّ تأثيرًا على المنابر منه. كانت جموع المصلّين تؤمُّه من أنحاء المملكة لاستماع خطبة الجمعة في المسجد الذي كان يخطب فيه، فإذا ارتحل إلى مسجدٍ آخر شدُّوا رحالهم إلى مسجده الجديد.

لم يكن خطيبَ ورقة، بل كان خطيبًا مرتجِلًا حاضرَ الذهن والقلب. كان الناس يرتقبون وصوله إلى المسجد، ويتتبّعونه بنظراتهم وهو يخترق الصفوف بمشيته المتأنّية، ومظهره المَهِيب، حتى يعتليَ المنبر بسكينة، ثم يبدأ الخطبة بصوته المميّز ذي الصَّحَل الآسِر، مغمضًا عينيه حتى يفرغ من ديباجة الخطبة، لكأنما يستدعي العون من وراء سُجُف الغيب، ثم يفتح عينيه، ويرمي بنظره إلى جموع المصلِّين يمنةً ويسرة، مسترجعًا موضوع الخطبة السابقة ليربطه بموضوع خطبة اليوم، في فنّه الذي لم يبرحْ عليه عاكفًا، وهو السيرة النبوية، حتى إنه ختمها على المنبر مرّات، كلُّ مرّةٍ منها في بضع سنين، والناس لا تملّ الاستماع إليه. كان شعارُه في تدريس السيرة عبارتَه الشهيرة: «إننا ندرُس السيرة للتأسّي لا للتسلّي»، وتميّزت معرفته بها بالعمق، حتى إنه كان يُعيّن مواضع الوقائع النبوية لمن كانوا يرافقونه في أسفاره للعمرة ويدُلُّهم عليها دلالة العارف البصير.
كان الشيخ رحمه الله يسوق السيرة سياقَ مَن يعيشها وتملأ وجدانه، يسرد أحداثها، ويقف عند مفاصلها، وينزّل دروسَها على الواقع. يحبس العَبْرة عند مواقفها المؤثرة ثم لا يلبث أن تنفر منه الدموع، فيضجّ المسجد بصدى تلك الدموع في النفوس الخاشعة.

لم يكن ينافس العلماء ولا يدّعي أنه منهم، ولا يتصدّر مع الدعاة أو يُزاحمهم، لكنه كان يملأ القلوب بمحبة النبي ﷺ، ويُبحر بالناس في بحر سيرته المطهّرة، يستخرج لهم منها اللؤلؤ والمرجان، ويمسّ قلوبهم بروائعها وعِبَرِها. وإنْ ينسَ الناس يومًا شخصَ هذا الشيخ الجليل فلن تنسى قلوبُهم خَفَقاتٍ خفقَتْها، ولا عيونُهم دموعًا ذرفَتْها؛ في رحاب دروسه يومَ كان يحدو بهم في دوحة تلك السيرة المحمّدية الغرّاء.

تنويه: العدد الاجمالي لخطب السيرة النبوية العطرة هو 127 خطبة سيتم تحميل الخطب على الموقع تزامناً مع تحميلها على صفحة الفيسبوك